نص سبيل العلا الجدع المشترك الادبي
كتاب في رحاب اللغة العربية الصفحة 104
المجزوءة الاولى الدورة الثانية : محور الشعر العمودي نمط المدح
تمهيد : تعريف الشعر والمدح
تعريف الشعر
الشعر من أهم فنون العرب الكلامية، وهو نقيض النثر، و يعتبر سجل تاريخهم و علومهم و آدابهم ، وهو نوعان: عمودي و حر.
تعريف الشعر العمودي
هو الشعر الذي ينظم على بحر معين حسب تفعيلات ثابتة، على شكل أبيات متتالية، وكل بيت يتكون من شطرين متناظرين، يسمى الأول صدرا، و الثانى عجزا وينتهى بقافية وروي موحدين.
تعريف المدح
المدح هو الثناء، و هو ضد الهجاء، و فيه يذكر الشاعر محاسن الممدوح وفضائله: ( الكرم، الشجاعة، الوفاء، الإخلاص، الحكمة)، وهو نوعان:
- مدح تكسبي : حيث يمدح الشاعر ونخبة القوم من أجل عطاياهم.
- مدح نبوي: هو مدح (الرسول صلى الله عليه وسلم)، حيا أو ميتا، بذكر صفاته الخلقية وفضائله الإسلامية والإنسانية.
ملاحظة النص
العنوان
«سبيل العلا»: تركيب إسنادي، المبتدأ فيه محذوف، تقديره «هذا» المشار إليه في النص، و الخبر «سبيل» جاء مضافا إلى «العلا».
و دلاليا يشير العنوان إلى الطريق السوي لنيل المجد و العلا في الحياة.
مطلع القصيدة: تساؤل الشاعر عن وجهة الممدوح، مشبها اياه بالغمام، و بقية الناس بالنبات، الذي يحتاج للغيث، أي عدم الصبر على فراقه.
البيت الثالث: فيه تتكرر عبارة العنوان، و فيه يعتبر الشاعر أن الحرب و السلم من آهم سبل المجد و العلا.
نهاية القصيدة: ذكر بعض صفات الممدوح المتمثلة في الشجاعة و الحرص و السلام.
انطلاقا من مطلع القصيدة و نهايتها، و البيت الثالث يبدو أننا أمام قصيدة مدحية من نمط المدح التكسبي.
تأطير النص
نمط النص ومجاله: قصيدة شعرية تقليدية تندرج ضمن غرض المدح التكسبي.
النص مقتطف من « ديوان المتنبي»، شرح عبدالرحمن البرقوقي، الجزء الرابع، دار الكتاب العربي، 1986، الصفحة 61 وما بعدها.( بتصرف)
صاحب النص: هو أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي الكندي ، هو يعتبر من أعظم وأشهر شعراء العربية ، و قد ولد المتنبى في الكوفة( 303 ه)، في منطقة تسمى الكندة و إليها نسب ، ترعرع و كبر في الشام، وفيها درس اللغة العربية و الأدب ، و نظم عددا كبيرا من القصائد الشعرية المختلفة.
بناء فرضية النص
انطلاقا من دراسة المؤشرات الخارجية، نفترض أن الشاعر: سيمدح سيف الدولة، و يبرز صفاته التي مكنته من نيل المجد و الشهرة.
فهم النص
أزمعت: عزمت.
الهمام: الملك العظيم.
النوى: البعد.
الإجذام : الإسراع في المشي.
احتمال: التحمل.
الخميس: الجيش.
الحمام: الموت.
تكِعُ: تجبُنُ.
المضمون العام
مدح الشاعر أبو الطيب المتنبي سيف الدولة، مبرزا أهم الصفات التي يتحلى بها من كرم و شجاعة.
من البيت 1 الى 2 : بيان الشاعر مكانة سيف الدولة، و صعوبة تحمل بعده عنهم.
من البيت 3 الى 7: إشادة الشاعر بسعى ممدوحه إلى نيل المجد و العلا.
من البيت 8 الى 10: إحساس الشاعر و قومه بالعدم عند غياب الممدوح.
من البيت 11 الى 14: إبراز كرم الممدوح و شجاعته و تعلق الناس به.
تحليل النص
الحقل الدال على الشجاعة : الهمام، قتالك، الخيل، نزلت، الخميس، البحور العظام، اللهام، كفاحا، هيبة، حسام، الشجاع، تكع عنه الأعادي...
الحقل الدال على الكرم : أنت الغمام، ما اهتدت إليه الكرام، احتمال جديد، أرانا كرما، كل عيش ما لم تطبه حمام...
العلاقة بين الحقلين هي علاقة ترابط و تكامل، و لقد تم التركيز عليهما، باعتبارهما أساس الفضائل و مكارم الأخلاق عند العرب و خاصة كصفة مقترنة بالممدوح.
الأساليب البلاغية
التشبيه : - نحن نبت الربى و أنت الغمام.
- هيبة المؤمل...في القلوب حسام.
- كل عيش ما لم تطبه حمام * كل شمس ما لم تكنها ظلام.
الاستعارة :
- ضايق الزمان...
- خانته الأيام...
الملامح الموسيقية في النص
وحدة الوزن: المتمثل في البحر الخفيف: فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن.
وحدة الروي : ( الميم المضمومة المشبعة): الغمام، الأيام، الخيام...
وحدة القافية : ( آخر حرفين ساكنين والحرف الذي يقع بينهما مع المتحرك الذي قبلهما: (الغمامو، الأيامو، الإجذامو).
التصريع: ( اتفاق الصدر و العجز في القافية و الروي ) (الهمامو / الغمامو ).
الأساليب المعتمدة في النص
الأساليب الإنشائية:
الاستفهام : أين أزمعت أيهذا الهمام؟
النداء : يا من به يأنس الخميس اللهام... أيهذا الهمام...
التمني : ليت أنا إذا ارتحلت لك الخيل.
الأمر : أزل الوحشة التي عندنا.
قيمة النص
قيمة فنية أدبية : تتمثل في كون القصيدة تعتبر نموذجا للقصيدة العمودية في المدح التكسبي.
قيمة اجتماعية : القصيدة هي اشادة بالأخلاق الكريمة التي كانت مستحبة لدى العرب، و علاقة الشعراء بالحكام.
قيمة تاريخية حضارية : اهتمام الحكام بالشعر و دورهم في تطويره.
تركيب النص
في هذه القصيدة العمودية التي تمثل غرض المدح التكسبي، امتدح الشاعر المتنبي أمير حلب سيف الدولة الحمداني، ناعتا إياه بمجموعة من الصفات التي تمثل القيم الأخلاقية في المجتمع، و خاصة الشجاعة و الكرم، مبرزا تعلقه و قومه به، و عدم صبرهم على غيابه أو فراقه.
و قد التزم المتنبي في هذه القصيدة بالأسس الفنية للقصيدة العمودية التقليدية، من تصريع و وحدة الوزن و القافية و الروي، معتمدا على مجموعة من الأساليب البلاغية و البديعية، و فصاحة اللغة و جزالة اللفظ، لتبقى هذه القصيدة شاهدة على تفوقه الشعري، و براعته في مجال المدح التكسبي.
المصدر : Sorry Teacher عفوا أستاذي
إرسال تعليق