تحليل قولة فلسفية طبيعة السلطة السياسية مجزوءة السياسة

ProfSalmi يونيو 04, 2024 يونيو 04, 2024
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: سلطة الدولة سلطة ديمقراطية ما دام أن غايتها تحقيق حرية الأفراد وهي الأطروحة التي نجد لها حضورا قويا لدى الفيلسوف مونتسكيو الذي يرى أن طبيعة السلطة
-A A +A


موضوع فلسفي طبيعة السلطة السياسية مجزوءة السياسة

" يكون الإنسان أكثر حرية في ظل قوانين الدولة "

تحليل قولة فلسفية طبيعة السلطة السياسية مجزوءة السياسة


تصحيح القولة الفلسفية الحرية والدولة

مقدمة الموضوع

من خلال المفاهيم المتضمنة في النص (الحرية، القانون الدولة ....)، يتضح أنه يتأطر داخل مجزوءة السياسة، وتحديدا ضمن مفهوم الدولة، إذ يسلط الضوء على موضوع طبيعة السلطة السياسية، ويقصد بالدولة مجموع المؤسسات التي تمارس السلطة والحكم في بلد ما، فالدولة بهذا المعنى تستعمل في مقابل الشعب ويقصد بها التنظيم السياسي والاجتماعي والقانوني الذي يملك سلطة تخول له التدخل، أحيانا بعنف أو بوسائل إيديولوجية، إما لحفظ التوازن والنظام والأمن أو لتطوير العلاقات البشرية والرقي بمستواها، الشيء الذي يضعنا أمام مجموعة من الإشكالات من قبيل 

ما طبيعة السلطة السياسية، فردية أم جماعية؟ استبدادية أم ديمقراطية؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار سلطة الدولة سلطة ديمقراطية تتوخى تحقيق حرية أفرادها؟


مطلب التحليل

جوابا عن الإشكالات أعلاه يقدم النص أطروحة مركزية تؤكد من خلالها على أن حرية الأفراد لا تتحقق إلا في ظل سلطة سياسية ديمقراطية، فالسلطة السياسية الديمقراطية التي تقوم على الحق والقانون لا على العنف والإكراه، لأن هذا الأخير خاصية حيوانية تستمد مشرعيتها من قانون الغابة الذي لا يمت بصلة للقانون البشري الوضعي القائم على حسن تدبير وتسيير شؤون الجماعة الإنسانية هي وحدها القادرة على صون كرامة الإنسان وضمان حريته، لأنها غالبا ما تقوم على أساس الحق والقانون وفصل السلط، هذا الأخير الذي يكرس لمبدأ الاستقلالية في اتخاذ القرار مما يحقق ديمقراطية عادلة ويقف حاجزا أمام كل أشكال الاستبداد وتقييد الحريات الناتج عن اجتماع السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيدية في يد هيئة أو فرد ما. 

لقد استثمر صاحب القولة جملة من المفاهيم الفلسفية أهمها: مفهوم الدولة وهي تنظيم سياسي لجماعة ما على أرض محددة عبر سلطتها الممثلة في مجموعة من المؤسسات والأجهزة المرافقة لها، وهي سلطة قهر وهيمنة بما هي مؤسسة أو جهاز يحتكر حق ممارسة العلف وحق التحكم في الأفراد وتسييرهم. وكذا لفظ القانون وهو كل تعبير صريح مكتوب أو متعارف عليه، يلزم الإنسان أخلاقيا أو مدنيا. إنه القواعد الضرورية التي تنتظم بموجبها العلاقات بين الأشياء الطبيعية أو ظواهرها. ويقصد بعبارة الحرية استقلال الذات فكرا وتصرفا وعدم خضوعها لأية إكراهات خارجية، أو بالأحرى قدرة الشخص على الفعل أو الامتناع عنه بعيدا عن كل إكراه كيفما كان نوعه. 


مطلب المناقشة

يتضح من خلال ما سبق أن أطروحة القولة تؤكد على أن سلطة الدولة سلطة ديمقراطية ما دام  أن غايتها تحقيق حرية الأفراد وهي الأطروحة التي نجد لها حضورا قويا لدى الفيلسوف مونتسكيو الذي يرى أن طبيعة السلطة السياسية طبيعة ديمقراطية تقوم على الحق والقانون لا على العنف والإكراه. ولتحقيق هذا الغرض وجب الفصل بين السلط: التشريعية والتنفيذية والقضائية وتوزيعها على هيئات منفصلة ومتساوية تتمتع بالاستقلال والحياد، وعدم تجميعها في يد هيئة واحدة، حتى لا تسيء استعمالها، وتستبد بالمحكومين استبداداً ينتهي بانتهاك حقوقهم والقضاء على حياتهم، لذلك يؤكد مونتيسكيو على ضرورة الفصل بين السلط مع احترام مبدأ التعاون بينها، لضمان نوع من النزاهة والحرية والديمقراطية، أفلا يمكن الحديث كذلك على أن الدولة لا تقوم على أساس القانون بقدر ما هي سلطة قمعية استبدادية منتشرة في كل مكان مما يحول دون تحقيق الإنسان لحريته؟


لمقاربة هذا الإشكال نستحضر تصور الفيلسوف لوي التوسير الذي يرى أن الدولة تمارس سلطتها اعتمادا على نوعين من الأجهزة جهاز قمعي واحد ومتجد يتمثل في الحكومة والإدارة والجيش والقضاء والشرطة والسجن.... يمارس عنفا ماديا فيزيائيا على الأفراد، وأجهزة إيديولوجية متعددة ومختلفة تتمثل في الدين والأسرة والمدرسة والإعلام، تمارس على الأفراد عنفا رمزيا بشكل مستمو ومنتظم بحكم علاقتها المباشرة بهم، فطبيعة السلطة السياسية، حسب التوسير، ترتبط بالعنف والقمع والهيمنة سواء كانت هذه الهيمنة مادية متجلية أو رمزية متخفية. وفي السياق ذاته ينتقد ميشيل فوكو التصورات التي تحصر السلطة في مؤسسات وأجهزة الدولة المادية والأيديولوجية، ذلك أن السلطة غير قابلة للاختزال في يد جهاز أو طبقة أو فرد معين، بقدر ما هي منتشرة وحاضرة في كل مكان، وتمارس من طرف الجميع بوعي أو بغير وعي، يمارسها رجل السياسة والأب والطبيب... فالدولة لا تستطيع القيام بوظائفها اعتمادا على ذاتها وقدراتها الخاصة، بل هي في حاجة لخدمات الأسرة، والمدرسة، والشارع، والإعلام والتقاليد والأعراف ومختلف أشكال الإنتاج الأخرى.


مطلب التركيب

من خلال ما سبق نخلص إلى أن إشكالية علاقة حرية الأفراد بطبيعة السلطة السياسية، أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة، حيث رأى صاحب القولة ومونتسكيو أن القانون أو بالأحرى السلطة الديمقراطية هي أساس قيام الدولة، في حين اعتبر التوسير أن السلطة القمعية هي أساس قيام الدولة، وبالمقابل أكد ميشيل فوكو على أن السلطة السياسية منتشرة في كل مكان وليست حكرا على الدولة فقط. أما فيما يتعلق بوجهة نظري الشخصية فأجد نفسي أميل إلى موقف مونسكيو، لأنه الأقرب إلى الواقع المعيش، فالواقع السياسي يشهد أن الدولة لا يمكن أن تقوم ككيان يسعى سياسي لتحقيق حرية الأفراد إلا إذا قام على أساس السلطة الديمقراطية. وفي ظل تضارب هذه المواقف والتصورات ألا يمكن القول إن الدولة تقوم على أساس القانون وتتخذ من السلطة القمعية آلية للحفاظ على استقرارها وديمومتها؟



شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3332087102290997945
https://www.profsalmi.com/