تحليل ومناقشة قولة فلسفية موضوع معايير علمية النظريات مجزوءة المعرفة

ProfSalmi أبريل 22, 2024 أبريل 27, 2024
للقراءة
كلمة
1 تعليق
نبذة عن المقال: "النظرية العلمية ابداع حر للعقل البشري". من خلال المفاهيم المتضمنة في القولة (النظرية، الإبداع، العقل)، يتضح أنها تتأطر داخل مجزوءة المعرفة، وتحديدا
-A A +A


تحليل قولة فلسفية حول المحور الثالث معايير علمية النظريات العلمية

"النظرية العلمية ابداع حر للعقل البشري".

حلل وناقش

مادة الفلسفة: الثانية باكالوريا

معايير علمية النظريات العلمية تحليل قولة الثانية باك


نموذج تطبيقي مصحح حول النظرية العلمية مفهوم النظرية والتجربة

الفهم: مقدمة

من خلال المفاهيم المتضمنة في القولة (النظرية، الإبداع، العقل)، يتضح أنها تتأطر داخل مجزوءة المعرفة، وتحديدا ضمن مفهوم النظرية والتجربة، إذ تسلط الضوء على موضوع معايير علمية النظريات، ويقصد بالنظرية نسق من المبادئ والقوانين التي تنظم ملاحظة الباحث لظاهرة ما، قصد بناء معرفة حولها. أما التجربة فتشير إلى مجموع الخبرات والمعارف التي يكونها الإنسان في علاقته المباشرة بالواقع، أما في المجال العلمي فتحيل على التجريب، ويقصد به إعادة إحداث ظاهرة ما، ضمن شروط وظروف يصطنعها العالم للتأكد من صدق فرضية ما، الشيء الذي يضعنا أمام مجموعة من الإشكالات من قبيل: 

على ماذا تتأسس النظرية العلمية؟ هل على العقل، أم على التجربة، أم عليهما معا؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار النظرية العلمية إبداع حر للعقل البشري؟


جوابا عن الإشكالات أعلاه، تقدم القولة أطروحة مركزية، تؤكد من خلالها على أن العقل هو أساس قيام النظرية العلمية، فلبناء نظرية علمية ما، غالبا ما يلجأ العلماء بداية، إلى الاستدلال المنطقي والتحليل الرياضي، قبل إخضاعها للتجربة المخبرية، التي لا تلعب إلا دور المساعد على وضع فرضيات قبلية من جهة، وتطبيق التحليل الرياضي العقلي تجريبيا من جهة أخرى. وتاريخ العلم، يشهد أن كثير من العلماء قالوا بنظريات علمية عقلية ما زالت معتمدة إلى يومنا هذا، دون سند من التجربة، ففيتاغورس وطاليس مثلا، لم يكونا في حاجة إلى التجربة للقول بنظريتهما حول المثلث القائم الزاوية التي ما زالت نظرية قائمة بذاتها، تملك من مقومات التماسك المنطقي ما يجعلها نظرية مستعصية التفنيد والتجاوز. لقد استثمر صاحب القولة، جملة من المفاهيم الفلسفية أهمها: النظرية العلمية وهي مجموعة من المفاهيم والتعريفات والافتراضات المترابطة تقدم نظرة نظامية إلى الظواهر ، يتم فيها تحديد المتغيرات التي تؤثر في كل منها، والعلاقات بين هذه المتغيرات بهدف وصف هذه الظواهر وشرحها والتنبؤ بها ، أما لفظ العقل، فيعني الملكة التي يحصل بها للنفس علم مباشر بالحقائق المطلقة، ويطلق لفظ العقل أيضاً، على مجموع الوظائف النفسية المتعلقة بتحصيل المعرفة، كالإدراك والتذكر والتخيل والحكم والاستدلال، والتي يحصل بها العلم المباشر بالحقائق المطلقة. يتضح من خلال ما سبق أن أطروحة القولة تؤكد على أن العقل هو الأساس الذي تقوم عليه النظرية العلمية فهي إبداع حر للعقل البشري، أفلا يمكن الحديث كذلك، على أن النظرية العلمية تتأسس على التجربة أو بالأحرى على العقل والتجربة معا؟


المناقشة: اراء الفلاسفة

لمقاربة هذا الإشكال، نستحضر تصور الفيلسوف راشنباخ، الذي يرى أن العقلانية الرياضية، بتعاليها عن الملاحظة والتجريب، لا يمكن أن تؤسس لمعرفة علمية، فالمعرفة تكون علمية حين تتأسس على منهج تجريبي، في حين تصبح ضربا من التصوف والمثال، إذا تخلت وأهملت هذا المنهج. فالتجربة، حسب رايشنباخ، هي ما يضفي على المعرفة طابع العلمية، لكونها تشكل مصدرا حسيا وواقعيا للحقيقة عكس المعرفة العقلانية، التي تبقى في نظر رابشنباخ، معرفة نظرية تجريدية لا تلامس الواقع. 

وفي تصور نقدي توفيقي، ينتقد غاستون باشلار، كل من النزعتين التجريبية والعقلانية، ويرفض اعتبار الواقع المصدر الوحيد لبناء النظرية العلمية، كما يرفض اعتبار العقل مكتفيا بذاته في بناء هذه النظرية، ويرى أنه لا يمكن تأسيس العلوم الفيزيائية دون الدخول في حوار بين العالم العقلاني والعالم التجريبي. فبشلار ينفي إمكان قيام معرفة على العقل وحده أو التجربة وحدها، قائلا: "لا توجد عقلانية فارغة كما لا توجد مادية عمياء"، فالعالم الفيزيائي يجب أن يجمع في نظريته العلمية بين التجربة والعقل معا.


التركيب: خاتمة

من خلال ما سبق نخلص إلى أن إشكالية العقلانية العلمية، أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة، حيث رأى أنشتاين، أن النظرية العلمية تتأسس على العقل، وبالمقابل أكد رايشنباخ، أنها تتأسس على التجربة، في حين اعتبر باشلار، أن العقل والتجربة هما معا أساس قيام النظرية العلمية. 

أما فيما يتعلق بوجهة نظري الشخصية، أجد نفسي أميل إلى موقف غاستون باشلار، لأنه الأقرب إلى الواقع المعيش، فالواقع العلمي، يشهد أن النظريات العلمية تتأسس في مرحلة أولى، كفرضيات عقلية تستقى من ملاحظة العلماء للظواهر الطبيعة، ليتم إخضاعها للتجريب المخبري في مرحلة ثانية، لتؤسس كنظرية قائمة بذاتها وقابلة للتطبيق على نطاق واسع. وفي ظل تضارب هذه المواقف والتصورات ألا يمكن القول إن النظرية تتأسس على العقل أحيانا وعلى التجربة أحيانا أخرى، وعلى العقل والتجربة معا في أحيان كثيرة؟



شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. الموضوع ضمن محور العقلانية العلمية

    ردحذف

3332087102290997945
https://www.profsalmi.com/