مقالة وملخص درس الولايات المتحدة الأمريكية : قوة اقتصادية عظمى الثانية باك
مقدمة
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية قوة اقتصادية عظمى استنادا لما تحققه من مؤشرات نمو مرتفعة في الميادين الفلاحية والصناعية والتجارية، وكذلك بحكم تسجيلها لأول ناتج داخلي خام على الصعيد العالمي يبلغ 14624 مليار دولار. فما هي مظاهر القوة الاقتصادية داخل هذا البلد؟ وما العوامل المفسرة لها؟ ثم أين تكمن المشاكل والتحديات التي تعترضه؟
تتنوع وتتعدد مظاهر قوة الاقتصاد الأمريكي: فعلى المستوى الفلاحي تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المراتب المتقدمة عالميا في إنتاج الذرة والصوجا والقطن والشمندر، بحيث تتراوح حصتها من الإنتاج العالمي لهذه المواد ما بين %35 و60% ، كما يتميز النصف الشرقي من ترابها الوطني بانتشار نطاقات فلاحية متنوعة (القمح - تربية المواشي والدواجن ... ). و تنشط به المقاولات العائلية والشركات الفلاحية الرأسمالية، في حين يشهد النصف الغربي ازدهار إنتاج الفواكه والحوامض، واتساع مجال تربية الأبقار والأغنام أما على المستوى الصناعي فتتجلى القوة الأمريكية في تحقيقها للمرتبة الأولى على الصعيد العالمي في إنتاج كل من المواد الصيدلية والسيارات والألمنيوم. والمرتبة الثالثة في إنتاج الصلب، بالإضافة إلى أن الصناعات الالكترونية الأمريكية تتواجد في جميع أنحاء العالم من خلال أنشطة شركاتها المتعددة الجنسيات مثل "IBM" و"هوبلت باكارد" و"كومباك Compaq" . كما تتعدد أقطابها التكنولوجية "كوادي السيلكون" وأخرى من قبيل تلك المتمركزة بنيويورك وسان فرانسيسكو.... وفي ما يتعلق بالميدان التجاري؛ فإن أغلب ما تحتوي عليه الصادرات والواردات الأمريكية هو عبارة عن مواد مصنعة تتميز بارتفاع قيمتها، مما يجعلها تساهم بشكل كبير في تنشيط المبادلات التجارية العالمية. وتعتبر دول القارة الأسيوية من أكبر الشركاء التجاريين لهذا البلد، ثم يليها الاتحاد الأوربي بعد المكسيك وكندا، وبخصوص القطاع المالي تمثل بورصة نيويورك (NYSE) أول بورصة في العالم من حيث الترتيب؛ إذ يتم فيها تبادل 500 مليون سهم يوميا، وتحتكر 21% من السوق البنكي العالمي.
وترتبط مظاهر القوة هذه بمجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية والتنظيمية بحيث أن هذه الدولة الضخمة تتكون من 50 ولاية فيدرالية تمتد على مساحة جغرافية شاسعة وذات موقع استراتيجي ( يبلغ 9.83 مليون كيلومتر مربع)، وتحتضن ما يفوق 330 مليون نسمة أغلبها شباب مؤهلون ومفعمون بالنشاط ويتسمون بالمبادرة الفردية وحب الربح والاستهلاك. كما تستفيد الأنشطة الفلاحية من تنوع المناخات وتعدد المجاري المائية ذات الصبيب العالي والدائم (مثل نهر الميسيسيبي و نهر الميسوري). ومن اتساع السهول ( كالسهول الوسطى والسهول العليا)، زيادة على تطور التجهيزات وانتشار المكننة. واعتماد فلاحة علمية تنسجم مع متطلبات الأسواق العالمية بالإضافة إلى أهمية الدعم الذي تقدمه الدولة للفلاحين في ما يخص القروض والتحكم في الأسعار وتمويل الأبحاث الإيكولوجية والبيولوجية. أما القطاع الصناعي فيزدهر بفضل استغلاله للثروات الطاقية والمعدنية (الفوسفاط - الحديد - الذهب البترول -الفحم - الغاز الطبيعي - المنغنيز...) التي تتواجد بأحجام هائلة، وتحتل بعضها الصدارة من حيث الانتاج على المستوى العالمي، فضلا عن ضخامة الأقطاب والمدن الصناعية المنتشرة بالشمال الشرقي والجنوب. وتتوزع على مستوى التراب الأمريكي بنيات تحتية عالية الجودة (طرق - مطارات - سكك حديدية - موانئ ...) تسرع من وتيرة تنقل البضائع بين الولايات، وتسهل عمليات التصدير إلى الخارج، كما أن التجارة الأمريكية تنتعش بفعل اتفاقيات التبادل الحر التي تضمنها المنظمة العالمية للتجارة (OMC). وعبر ضخامة السوق الاستهلاكية المحلية.
ورغم عظمة هذا البلد الذي برز كقوة رأسمالية خلال القرن 19م، فإنه يواجه العديد من المشاكل والتحديات يأتي في مقدمتها المنافسة الخارجية، وارتفاع قيمة العجز الذي يسجله الميزان التجاري منذ سنة 1996م، بالإضافة إلى تفاوت توزيع الثروة الوطنية بين الفئات الاجتماعية وتوالي احتجاجات ذوي الدخل المحدود، زيادة على تضرر ميزانية الدولة بسبب ضخامة النفقات العسكرية. كما تتهدد الولايات المتحدة الأمريكية مخاطر بيئية متنوعة كالأعاصير والفيضانات والعواصف الثلجية وحرائق الغابات، مما يكلف البلاد خسائر مادية فادحة خلال كل سنة.
تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في تطوير قطاعاتها الاقتصادية من أجل احتلال المراتب المتقدمة على الصعيد العالمي. غير أن بروز قوى جديدة يضعف من طموحاتها؛ خصوصا على مستوى المبادلات التجارية، بالإضافة إلى تراجع مكانتها داخل المجتمع الدولي أمام تغير سياساتها الخارجية في الآونة الأخيرة...
المصدر: كتاب الداعم في التاريخ والجغرافيا للأستاذ عبد الخالق الخلطي.
إرسال تعليق