iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

موضوع مقالي في درس تفاوت النمو بين الشمال والجنوب المجال المتوسطي نموذجا

الكاتب: ProfSalmiتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: تتباين مؤشرات النمو الاقتصادي والتنمية البشرية بين شمال العالم وجنوبه، ويقدم المجال المتوسطي مثالا واضحا على هذا التفاوت؛ بحيث يضم البحر الأبيض

موضوع مقالي حول تفاوت النمو بين الشمال والجنوب: المجال المتوسطي نموذجا


تفاوت النمو بين الشمال والجنوب المجال المتوسطي نموذجا نص مقالي

تتباين مؤشرات النمو الاقتصادي والتنمية البشرية بين شمال العالم وجنوبه، ويقدم المجال المتوسطي مثالا واضحا على هذا التفاوت؛ بحيث يضم البحر الأبيض المتوسط دولا غنية في ضفته الشمالية وأخرى نامية في ضفته الجنوبية. فما هي الخصائص البشرية والطبيعية لهذا المجال الجغرافي؟ وأين تتجلی مظاهر عدم التكافؤ بين بلدانه ؟

يتكون المجال المتوسطي من 22 بلدا تحيط بالبحر الأبيض المتوسط، وتمتد على أجزاء مهمة من القارة الأوربية والإفريقية والأسيوية، كما يقع هذا المجال الجغرافي الشاسع بين خطي طول °40 شرقا و °17 غربا ، وبين دائرتي عرض °21 و °48 شمال خط الاستواء، وتعتبر هذه المنطقة موقعا استراتيجيا لكونها تمتلك أهم المضايق البحرية العالمية مثل مضيق جبل طارق وقناة السويس ومضيق البوسفور، إضافة إلى هذا؛ يمثل المجال المتوسطي مهدا للديانات السماوية الثلاث، وموطنا للحضارات الانسانية القديمة، وملتقى قارات العالم القديم.

وتتميز بلدان الضفة الشمالية للمجال المتوسطي بمناخاتها المعتدلة (مناخ محيطي، مناخ متوسطي ...) وبأراضيها المنبسطة وتربتها الخصبة، مما يساعدها على ازدهار الأنشطة الفلاحية. كما تحتضن ما يفوق 250 مليون نسمة لاتتجاوز فيها نسبة الشباب 19% وينخفض بها مؤشر الخصوبة عن 2.5 . في حين أن بلدان الضفة الجنوبية تعاني من انتشار الأنواع المناخية الصحراوية والشبه الجافة؛ المتميزة بقلة تساقطاتها المطرية وارتفاع درجة حرارتها، بالإضافة إلى ضعف خصوبة التربة وضيق المساحات الصالحة للزراعة. إلا أن بعض هذه البلدان يتوفر على ثروات باطنية مهمة كالبترول والغاز الطبيعي (مثل الجزائر وليبيا)، فصلا عن ارتفاع نسبة الفئات الشابة من مجموع السكان البالغ 350 مليون نسمة والذي يعرف تزايدا في مؤشر الخصوبة (يفوق 3.5 ).

وأمام اختلاف الخصائص الطبيعة والبشرية بالمجال المتوسطي؛ فقد تعددت مظاهر عدم التكافؤ بين شماله وجنوبه خصوصا في الميادين الاقتصادية والاجتماعية؛ بحيث تحقق بلدان الضفة الشمالية معدلات نمو اقتصادي مهمة بفعل كثرة الاقطاب الصناعية المتنوعة الإنتاج والموجهة للتصدير، بالإضافة إلى تطور الزراعات التسويقية بفضل عصرنة أساليب الانتاج الفلاحي، وتؤدي هذه المؤهلات إلى تسجيل فائض كبير على مستوى الميزان التجاري، وارتفاع في حصة الفرد من الناتج الداخلي الخام التي تتجاوز 18000 دولار سنويا، مما يجعل هذه الدول تتموقع في مراتب عالمية متقدمة بخصوص مؤشرات التنمية البشري...


وبالنسبة لبلدان الضفة الجنوبية؛ فإن تجارتها الخارجية تتضرر جراء تصدير المواد الأولية المنخفضة القيمة. واستيراد المنتجات المصنعة المعروفة بقيمتها المرتفعة، وهذا ما يضعف ميزانها التجاري رغم تحسن مستوى صادراتها من المواد الاستهلاكية، كما تعاني هذه الدول من افتقارها للبنيات الصناعية القادرة على المنافسة العالمية. و من ازدواجية أساليب الزراعة (تقليدية وعصرية)، بالإضافة إلى تفتي البطالة والفقر وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية الخاصة والعمومية. زيادة على انخفاض حصة الفرد من الناتج الداخلي الخام عن 12000 دولار سنويا... ، وتنعكس سلبا هذه المعطيات على قيم مؤشرات التنمية البشرية؛ إذ أنها نادرا ما تقارب 0.800 . ويترتب عن هذا التباين انتشار ظاهرة الهجرة السرية من بلدان الجنوب نحو بلدان الشمال، من أجل العمل والبحث عن ظروف اجتماعية أحسن، غير أن الدول المستقبلة بدأت تنزعج من هذه الظاهرة .


وللتخفيف من حدة هذا التباين السوسيواقتصادي بين الضفتين؛ نهجت أغلب بلدان المنطقة وسائل عديدة للتعاون فيما بينها في إطار ما يسمي "بالتعاون الأورو متوسطي"، والذي حددت أسسه ومجالاته خلال "مؤتمر برشلونة سنة 1995م. وتمحورت حول ضمان السلام والاستقرار، واحترام قواعد الديمقراطية والتسامح الديني والثقافي، ثم إنشاء منطقة للتبادل الحر "أورو – مغاربية – متوسطية"، بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا المرأة والشباب والعمل الجمعوي. وتعزز هذا التعاون بعد "انعقاد منتدى الحوار 5+5 " سنة 2003م الذي جمع 5 دول من الاتحاد الأوربي والبلدان الخمسة في اتحاد المغرب العربي، بغرض إجراء حوار سياسي بناء حول قضايا الهجرة والأمن وإنعاش الاستثمارات وحماية البيئة.

وقد أسفر التعاون الأورو- متوسطي عن ميلاد "برنامج ميدا" الممول من طرف الاتحاد الأوربي، والموجه لتدعيم الشراكة الاقتصادية والمالية والاجتماعية بين دول الضفتين، غير أن ظاهرة الإرهاب والصراع العربي الاسرائيلي يشكلان تحديا حقيقيا أمام نجاعة هذا التعاون وعلى الرغم من تواضع الحصيلة؛ إلا أن بلدان المجال المتوسطي تسعى إلى بلوغ افاق مستقبلة كتشجيع خلق وتطوير المقاولات المتوسطة والصغيرة، وتمويل المشاريع ذات البعد الجهوي، ثم مساعدة المؤسسات الفاعلة في المجتمع مثل الجامعات والبلديات ووسائل الإعلام.

تتنوع مظاهر عدم التكافؤ بين شمال وجنوب المجال المتوسطي، مما يستدعي الاسراع في اعتماد تعاون قطاعي فعال وبعيد عن المزايدات السياسية، لأن هذا التعاون هو السبيل الأنسب لمواجهة التحديات الكبرى التي يشهدها المجال العالمي في الوقت الراهن.


المصدر: الداعم في التاريخ والجغرافيا للأستاذ عبد الخالق الخلطي.

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

3332087102290997945

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث