مقالة وملخص درس العولمة المفهوم الآليات والفاعلون الثانية باك
تمثل العولمة أبرز مظاهر تطور النظام الرأسمالي، وقد شهدها العالم خلال بداية الألفية الثالثة تزامنا مع هيمنة القطبية الواحدة على النظام العالمي الجديد، فما المقصود بالعولمة ؟ وأين تتجلى آلياتها ؟ ثم ما طبيعة القوى الفاعلة فيها؟
العولمة لغة هي كلمة مشتقة من "العالمية"، أي إضفاء الصبغة العالمية على الشيء سواء كان ماديا أو معنويا، عبر نشره ليصير معروفا ومتداولا في جميع بقاع العالم، أما اصطلاحا؛ فالعولمة تعبر عن المرحلة المتقدمة للحضارة الرأسمالية، الهادفة إلى تصدير القيم والمؤسسات والثقافات التي توصلت إليها الدول الغربية - وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى جل مجتمعات المعمور، وتعتبر كذلك امتداد للنظام العالمي الجديد المتميز بضرورة احترام القانون الدولي و تبني الاقتصاد الرأسمالي، كما أن ظاهرة العولمة ارتبطت بالثورة العلمية والمعلوماتية الجديدة التي اكتسحت العالم منذ بداية التسعينيات من القرن 20، وسهلت حركة تنقل الأفراد ورؤوس الأموال والسلع والمعلومات والخدمات...
وقد خرجت العولمة إلى الوجود بفعل عوامل متعددة؛ يأتي في مقدمتها انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكية، مما فسح المجال أمام الولايات المتحدة الأمريكية للانفراد بقيادة العالم، بالإضافة إلى تأسيس الشركات المتعددة الجنسيات المتسمة بقدراتها الاقتصادية والمالية الضخمة ، فضلا عن تطور وسائل الاتصال والمواصلات.
وتهدف العولمة إلى فرض النماذج الاقتصادية العربية على الدول الأخرى، ومزاحمة الهويات الثقافية المحلية عبر إشاعة أساليب جديدة للعيش، هذا ما يجعلها تتخد عدة أشكال (أو مجالات) كالعولمة الاقتصادية والعولمة الثقافية والعولمة السياسية معتمدة في ذلك على مجموعة من الآليات؛ كتحرير المبادلات التجارية، وخوصصة القطاعات الانتاجية، وسهولة نقل المعلومات عبر العالم، زيادة على أن الدول العظمى المتحكمة والمستفيدة من هذه الظاهرة تستغل مكانتها داخل أجهزة هيئة الأمم المتحدة للرفع من فعالية العولمة.
وتتدخل قوى فاعلة متنوعة لتقوية ظاهرة العولمة، مثل المنظمات الدولية المالية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) ومنظمة التجارة العالمي (OMC)، إضافة إلى الدول الرأسمالية العظمى و المستثمرون الكبار... وعلى الرغم من الفرص التنموية التي تتيحها العولمة لجميع بلدان العالم؛ كإلغاء القيود الجمركية، وتطوير القطاعات الاقتصادية، وتشجيع المنافسة بين الشركات، إلا أنها تفرز مخاطر عدة تضر بالدول النامية بالدرجة الأولى؛ حيث تتعرض منتجاتها للمنافسة في أسواقها المحلية من طرف المواد المصنعة بالدول المتقدمة، وتتزايد وتيرة تبعيتها للخارج خصوصا حين اعتمادها على قروض المؤسسات المالية الدولية، مما يكرس تفوق دول الشمال على دول الجنوب، ويضيف لهذه الأخيرة مشاكل أخرى بالمستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ساهمت العولمة في تقوية هيمنة الدول الرأسمالية الكبرى، واتساع الهوة بين مؤشرات النمو الاقتصادي التي تحققها بلدان المعمور، مما تسبب في انقسام المجال العالمي إلى أصناف حسب درجة اندماجها في هاته الظاهرة، كما برزت منظمات غير حكومية وجمعيات مدنية تناهض عولمة اقتصاديات وأنماط عيش البلدان الغربية.
المصدر: الداعم في التاريخ والجغرافيا
إرسال تعليق