نموذج تصحيح النص الفلسفي ما أساس هوية الشخص الفلسفة
مقدمة
تتناول هذه المقالة تحليل ومناقشة لنص فلسفي يتناول محور الشخص والهوية مفهوم الشخص. يتساءل النص عن أساس هوية الشخص، مشيرا إلى أن الصفات الهامشية أو العابرة لا تعكس جوهر الشخص وهويته.
تحليل ومناقشة نص فلسفي حول محور الشخص والهوية
" ما أساس هوية الشخص؟ نحن لن نهتم بالصفات الهامشية أو العابرة للشخص التي قد يستعان بها، عادة، للتعرف على هوية الشخص في وقت معين، و لكننا سنهتم بكل ما هو ثابت و ضروري لإثبات تفرده، بحيث إذا انتُزِعت منه أي صفة من هذه الصفات فإنه لن يظل هو هو...
إن أول إجابة تخطر بالبال عند مواجهة سؤال من هذا القبيل هي أننا نعرف أنفسنا، كما نعرف الآخرين، اعتمادا على المظهر الجسماني الخارجي. فهذه وسيلة التعرف على ما يُقصد به هوية الشخص. فتبدو في نظرنا "هناء" مثلا فتاة ذات شعر بني اللون، و لون جلدها باهت، و ترتدي ملابس ناعمة... و لكن إذا افترضنا أن "هناء" غيرت لون شعرها و صبغته باللون الأشقر، و تغير لون جلدها بعد تعرضه للشمس، و راحت ترتدي أزياء أخرى، فإنها ستظل هي هي رغم كل ذلك...
توحي التأملات من هذا القبيل بأن هوية الشخص لا ترجع إلى أية مظاهر جسمية على الإطلاق. فإذا تصادف أن فقد الشخص إحدى قدميه أو عينيه في حادث مريع، فإن هوية هذا الشخص لن يعتريها أي نقص... فالتفرد يرجع إلى شيء داخلي أكثر منه إلى شيء خارجي، أي أنه مسألة تمس العقل لا البدن، و بذلك فهو يعود إلى أسباب غير مادية و ليس إلى أسباب مادية. فالظاهر، إذن، أن فقدان الشخص للذاكرة أو لقدرته على التفكير قد يتسبب في حدوث تبدل في الهوية على نحو لا يظهر في حالة فقدان عضو من أعضاء الجسم. و بعبارة أخرى، فإن أي تغير عقلي كبير - بالمقارنة مع كل تغير جسمي كبير - يمكن بسهولة إدراكه بوصفه تغيرا في الهوية ".
الامتحان الوطني 2017 شعبة الآداب والعلوم الإنسانية مسلك الآداب مادة الفلسفة الدورة العادية.
ما أساس هوية الشخص نحن لا نهتم بالصفات الهامشية تحليل نص
أولا: الفهم (04 ن)
يتميز الوضع البشري بالتعقيد والغموض والتداخل فالانسان الفرد يحمل معه وعيه بذاته ككيان بشري له خصائصه الوجدانية والنفسية والاجتماعية وتسد اليه مسؤولية أفعاله الصادرة منه، ومن هنا يمكن القول ان مفهوم الشخص يعتبر قضية أساسية في صلب التفكير الفلسفي لكونه تفكيرا كالانسان، فقد عرفت الفلسفة الشخص كذات واعية وعاقلة حرة ومتأملة وذات اخلاقية، فالشخص هو من قال عنه كانط ذات يوم "كائن أخلاقي" فبالاخلاق يتحدد الانسان كانسان.
وهذا النص الذي نحن بصدد مناقشته وتحليله يندرج ضمن المحاولات الفلسفية الجادة لمقاربة الوضع البشري من خلال الاحاطة بمفهوم الشخص، ومحاولة الاجابة عن الاشكال المتعلق ب الشخص والهوية.
وفي هذا الاطار تتبادر الى اذهاننا العديد من الاشكالات، فعلى ماذا تتأسس هوية الشخص؟ وماذا نقصد بالهوية؟ وما الشخص؟ وكيف تتحدد هذه الهوية؟ وما الرهان الذي سيراهن عليه صاحب النص؟
ثانيا: التحليل (05ن)
انطلاقا من الاشكالات أعلاه، فصاحب النص يتناول في أطروحته أن هوية الشخص لا تتحدد عن طريق الصفات الهامشية كالمظهر الجسماني الخارجي، وانما تتحدد عن طريق العقل. وقد اكد عن طريق مجموعة من الامثلة على ان هوية الشخص تضل تابثة مهما طرأ التغيير على مستوى المظهر الجسماني الخارجي في حين أنه اذا مس التغيير العقل فسيطرأ تبديل كبير واختلاف يؤدي الى تغير في الهوية كفقدان الذاكرة او القدرة على التفكير مثلا. وقد استعان صاحب النص ببنية مفاهيمية متماسكة تتأثر لنا من خلال مفهوم الشخص الذي يطلق على الفرد في بعده المادي من حيث هو مظهر وجسم ومن بعده المعنوي من حيث هو ذات واعية. ثم مفهوم الهوية الذي يحيلنا الى تطابق الذات مع ذاتها مما يجعلها ثابتة لا تتغير. ومن الواضح والجلي ان هذين المفهومين تربط بينهما علاقة ترابط وتكامل.
وقصد دفاع صاحب النص عن أطروحته فقد استعان ببنية حجاجية قصد اقناع القارئ بها. وتتجلى من خلال أسلوب الاستفهام "ما أساس هوية الشخص" وذلك قصد اثارة الانتباه، ثم أسلوب النفي "نحن لن نهتم .." هذا بالإضافة الى أسلوب المثال وذلك انطلاقا من مثال "هناء" وقد ساعدت هذه الاساليب الحجاجية في اغناء الاطروحة والدفاع عنها.
وتتجلى القيمة الفلسفية لهذا النص من خلال تبيان صاحبها بالمحدد الاساسي للهوية الذي يتجلى في العقل لا البدن او المظاهر والصفات الخارجية التي تتداول عادة لتحديد هوية شخص ما.
واستنادا على ما سبق فيمكن ان نستنتج ان صاحب النص قد حصر محدد وأساس الهوية في العقل وبالتالي فأساس هوية الشخص عنده تكمن في العقل. فهل يعتبر يا ترى هذا الموقف التدخل الوحيد في الساحة الفلسفية أم ان هناك تدخلات أخرى؟
ثالثا: المناقشة (05ن)
تأسيسا على أطروحة صاحب النص التي تتجلى في كون أساس هوية الشخص توجد في العقل فقد شهد هذا الاشكال امتدادا في تاريخ الفلسفة وعرف تضاربا من حيث الأراء، وفي هذا الصدد يمكن الاستشهاد بموقف "ديكارت" الذي يتفق نوعا ما مع أطروحة صاحب النص، فديكارت يرى بدوره ان الفكر او العقل هو أساس هوية الشخص باعتباره ملكة فطرية أي أن الشخص يكتسب هويته وتتحدد لديه انطلاقا من المعطيات الفطرية التي يعرفها مسبقا بالفطرة من خلال عقله او فكره. في حين نجد موقف الفيلسوف "جون لوك" الذي يؤكد على كون أساس هوية الشخص تتجلى في الشعور او الاحساس وينفي كليا العقل او الفكر وذلك لاعتباره أن العقل مجرد صفحة بيضاء تنقل اليه المعطيات الخارجية عن طريق الاحساس والتجربة. في حين يمكن ان نستحضر موقف "سيغموند فرويد" الذي خالف كل المرافق السابقة اذ أكد على أن هوية الشخص تتحدد من خلال الوحدة الدينامية للجهاز النفسي (الأنا، الهو والانا الاعلى) وهذه الهوية تتميز بالتنوع والتحول وذلك حسب درجة النمو النفسي.
رابعا: التركيب (03ن)
بناءا على ما سبق، فقد اختلفت الآراء حول مفهوم هوية الشخص بين موقف صاحب النص الذي يؤكد على ان هوية الشخص تكمن في العقل لا في البدن ولا حتى في المظاهر الخارجية وبين مواقف أخرى تعتبر الشعور او الجهاز النفسي هو المحدد الجوهري لهوية الشخص. ومن جهتي اعتقد ان جل المواقف السابقة تتكامل فيما بينها لان كل واحد منها قد أبرز لنا جانبا خفيا من مفهوم هوية الشخص. لكن هل بتحديد الشخص لهويته سيمكنه من الحفاض على قيمته؟ .
نموذج تلميذ حصل على 20 20 في الفلسفة مجزوءة الوضع البشري الشخص والهوية.
إرسال تعليق