نموذج تحليل سؤال فلسفي مفهوم النظرية والتجربة محور العقلانية العلمية

ProfSalmi يناير 21, 2024 مارس 27, 2024
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: يتأطر السؤال الماثل بين أيدينا ضمن مجزوءة المعرفة، وتحديدا ضمن مفهومي النظرية والتجربة، ويطرح إشكالية أساسية تتمثل في ..
-A A +A

 



تحليل سؤال فلسفي جاهزة مجزوءة المعرفة مفهوم النظرية والتجربة محور العقلانية العلمية

سؤال فلسفي حول العقلانية العلمية الثانية باك

هل يمكن فصل النظرية عن التجربة في بناء النظرية العلمية ؟


تصحيح نموذج تحليل سؤال فلسفي حول العقلانية العلمية

يتأطر السؤال الماثل بين أيدينا ضمن مجزوءة المعرفة، وتحديدا ضمن مفهومي النظرية والتجربة، ويطرح إشكالية أساسية تتمثل في مساهمة كل من النظرية والتجربة في بناء النظرية العلمية. إذ أن هذه الأخيرة تطرح نقاشا كبيرا بين الإبستمولوجيين من أجل تحديد بنائها أو قيمتها، ذلك أن المعرفة عموما والنظرية العلمية خصوصا يتم التوصل إليها عن طريق التجربة، لكن ذلك يطرح مسألة أساسية وهي مكانة العقل، أو مساهمة التأمل العقلي في بناء المعرفة العلمية هذه المسألة تطرح تساؤلات يختزلها السؤال الذي نحن بصدد معالجته، ويمكن صياغة التساؤلات كما يلي : كيف تبنى النظرية العلمية ؟ هل تعتمد في بنائها على التجربة أم النظرية ؟ أم أن بناء النظرية العلمية يتم من خلال تضافرهما ؟


للإجابة على التساؤلات السابقة، لابد أولا من تحديد مفاهيم السؤال، والتي يعتبر أهمها النظرية العلمية، وتحيل على ذلك النسق من المفاهيم والقوانين التي تقدم تفسيرا لظاهرة ما. وهذه القدرة على التفسير ترجع إلى التحقق التجريبي المرتبط بالوقائع التي تفسرها النظرية، أو بالقدرة على التنبؤ. كما يمكن اعتبار النظرية هي التأمل العقلي أو التماسك المنطقي بين المقدمات والنتائج، في حين أن التجربة ترتبط بكل الخبرات التي نكتسبها في تفاعلنا مع الواقع، لهذا تفرض كل نظرية علمية الحديث عن التجربة العلمية، كما تستدعي استحضار التأمل العقلي والتماسك المنطقي، سواء تحدثنا عن نشأة النظرية العلمية، أو عن معايير صحتها، إن كل رغبة في تفسير أو فهم ظاهرة ما تبدأ بالملاحظة، ثم بوضع فرضيات تمثل احتمالا يفسر الظاهرة الملاحظة، وبعد ذلك التحقق من صحة هذه الفرضيات، من أجل استخلاص القانون المفسر للظاهرة. هذه الخطوات المنهجية، يحضر فيها ما هو تجريبي يرتبط بالملاحظة والواقع، وهناك حضور للتأمل والخيال، حيث يتم الانطلاق من مجموعة من المسلمات لا يتم البرهان عليها، بهذا يمكن أن نتبين أن السؤال يقبل بكون النظرية العلمية تبنى انطلاقا من النظرية أو من التجربة بشكل مستقل، هذا الموقف يذكرنا بالموقف الكلاسيكي الذي يعتبر المعرفة العلمية نتاجا للتجربة، بل إنها كذلك معيار الصحة أو الخطأ، كما يمكن الحديث عن نظرية علمية ترجع إلى العقل، بهذا تكون النظرية العلمية نتاجاً لمجهود مخبري تجريبي أو لمجهود نظري عقلي. المشكلة تكمن في أن التطورات العلمية لم تعد تعتمد فقط على التجربة، إذ يمكن أن يتعذر فحص صحة النظرية بالتحقق التجريبي، كما أن النظرية وجدت بالأصل لتفسير الظواهر الواقعية، مما طرح تحديات أمام الموقف الكلاسيكي، وهي نفس التحديات التي يواجهها السؤال الماثل بين أيدينا، فنسبية المكان أو الزمان لا يمكن التحقق منها تجريبيا، إلا أنها تقدم ما يؤكدها من خلال قدرة النظرية على تفسير الظواهر الملاحظة، هذا ما أدى إلى إعادة مراجعة جعلت النظرية العلمية نتاجاً يساهم فيه كل من التجربة والنظرية بشكل فعال.


تكمن قيمة أطروحة السؤال في إعادة طرح إشكال ابستمولوجي شغل العلماء والفلاسفة لمدة من الزمن، وفي كونه شرع الباب مفتوحا للتفكير في هذه القضية التي يتداخل فيها الفلسفي والعلمي، فقد حاول الطرح الذي يدافع عنه صاحب السؤال الجمع بين جانبين متناقضين من حيث المبدأ، لهذا يدفع السؤال إلى تحديد خيار في بناء النظرية العلمية، وهو الانتصار إلى إمكانية بناء النظرية العلمية باعتماد التجربة أو بالرجوع إلى النظرية، لكن هل يمكن المساهمة في تطوير العلم المعاصر باعتماد النظرية معزولة عن التجربة ؟


بالرجوع إلى تاريخ تطور العلم نجد تيارين بارزين في الفلسفة المعاصرة، أولهما ينتصر للقول بأن النظرية العلمية بناء عقلي، فالمفاهيم العلمية على حد تعبير "ألبير إنشتاين" إبداعات حرة للعقل البشري، الأولوية للعقل الرياضي، ثانيها التجربة، فيجب أن توافق فقط على ما توصل إليه العقل، على النقيض من موقف إنشتاين نجد الفيزيائي هانز رایشنباخ يعتبر أن ميزة العلم وخاصيته الأساسية هي التجربة المادية، وكل ادعاء بإمكانية بناء العلم خارج التجربة هو خروج عن دائرة العلم بشكل واضح. إلا أن هذا التعارض الظاهر سمح بظهور مواقف ابستمولوجية بينت أن المساهمة في بناء العلم المعاصر لا تتم إلا من خلال الجمع بين النظرية والتجربة، و الآخر في بناء النظرية العلمية، وهذا مايؤكده "غاستون باشلار"، حيث يجزم أن المساهمة في تطوير الفيزياء المعاصرة مشروط باعتماد حوار حثيث بين النظرية والتجربة، بين العقل والواقع.


وكخلاصة عامة، يمكن القول إن السؤال راهن على التفكير في بناء النظرية العلمية، وقدم أساس هذا البناء الذي يتراوح بين النظرية والتجربة، وهو ما شكل مدار نقاش عبر تاريخ العلم والفلسفة، وهذا يكشف أهمية الطرح الإشكال الماثل أمامنا، فقد طرح مع المواقف الكلاسيكية كصراع بين الاتجاه التجريبي والعقلي، وفي المواقف المعاصرة استمر نفس الصراع بوسائل مختلفة، وفي كل فترة ظهرت مواقف تحاول الجمع بين الاتجاهين، وهذا ما برز مع "غاستون باشلار"، لكن مع التدفق الهائل للنظريات العلمية لم يعد الإشكال الهم في بناء النظرية العلمية، بل في التمييز بين النظرية العلمية وأشباهها من الصيغ التي تحاول أن تقدم تفسيرات للوقائع. فكيف يمكن التمييز بين النظرية العلمية وغيرها ؟ .

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3332087102290997945
https://www.profsalmi.com/