تقديم عام لمجزوءة الوضع البشري
إذا قلنا عن الإنسان أنه مشكلة، فإن الوضع البشري سيكون أكثر استشكالا، وذلك لما يتسم به من تعقيد وتداخل، إذ تتداخل فيه مستويات، منها ما هو ذاتي، وما هو علائقي، وما هو زماني، فالكائن البشري هو أساسا فرد (الشخص) إلا أن سيرورة تطور الشخص وتشكله كذات لا تتم في معزل عن العالم والآخرين (الغير)، بل تتحقق من خلال الاحتكاك والانفتاح على العالم وفي ارتباط بغيره من الناس والتواجد مع الآخرين وذلك بالامتداد في الزمان التاريخي (التاريخ).
تعريف الوضع البشري
الوضع البشري هو مفهوم فلسفي يهدف إلى فهم طبيعة الإنسان وتحديد موقعه في العالم. يشمل هذا المفهوم جميع الظروف التي تحيط بالإنسان وتؤثر في حياته، مثل الوجود في الزمان والمكان، والقيود الاجتماعية والثقافية، والعلاقة بالآخرين، والحتميات الطبيعية والنفسية. يعتبر الوضع البشري موضوعًا مركزيًا في الفلسفة الوجودية التي تهتم بتفسير معنى الحياة والوجود.
مجزوءة الوضع البشري مفهوم الشخص
ليس الشخص مجرد "أنا" متخف وراء قناع، كما أنه ليس موضوعا جاهزا يمكن دراسته وتحليله، كما تدرس وتحلل سائر الأشياء المادية. لكن ما الشخص؟ يشكل هذا السؤال منطلقا للتساؤل حول: الأنا في علاقتها، من جهة، بمظاهرها أو صفاتها، ومن جهة أخرى بالشخص بوصفه أنا يفلت من الإدراك المباشر.لكن كيف تتحدد هذه "الأنا"؟ على ماذا تتأسس الهوية الشخصية؟ ما علاقة الشخص، بوصفه ذاتا حرة، بما يحمله من صفات وما يصدر عنه من أفعال؟
المحور الاول: الشخص والهوية
ما أساس هوية الشخص؟ هل تقوم الهوية على الثبات ام على التغير؟
لاشوليي: يرى لاشوليي ان أساس هوية الشخص طبعه وذاكرته، ويرفض القول بالجوهر الثابت.
دیکارت : تتحدد هوية الشخص بملكة العقل الذي يمثل جوهر الذات وطريقا لإدراك الوجود والحقيقة.
فرويد : تتميز هوية الشخص بطابع الدنيامية والتعدد، الناتجين عن الصراع الثلاثي بين الهو والأنا والأنا الأعلى.
جون لوك: تتكون الهوية الشخصية من الشعور (أو الوعي) الذي يميز الشخص،المفكر والعاقل، ومن الذاكرة التي هي امتداد للشعور في الزمان والمكان.
شوبنهاور: أساس هوية الشخص هو الإرادة بوصفها نواة وجود الإنسان الذي لا يحد بالزمن، إنها إرادة تظل ثابتة عندما ننسى أو نتغير.
المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة
هل تكمن قيمة الشخص في كونه غاية في ذاته، ام أنه مجرد وسيلة؟
مونيي: يستمد الشخص قيمته من ذاته ومن قدرته على التفرد، او ما يسميه بالشخصنة.
كانط: الشخص غاية في ذاته، فهو ليس شيئا، ومن ثم لا يمكن معاملته باعتباره وسيلة. إن الواجب الأخلاقي يفرض علينا دوما معاملة الإنسـان بوصفه شخصا، أي غاية.
غوسـدورف: استقلال الشخص هو مشاركة الغير. فالشخص الأخلاقي لا يتحقق بالعزلة أو بالتعارض مع الآخرين، بل بفضل أشكال التضامن الأولي بين الناس.
طوم ريغان : نتحدد قيمة الشخص من خلال كونه ذاتا تستشعر حياتها ويهمها أمر هذه الحياة.
المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية
هل الشخص ذات حرة، ام أنه كيان خاضع لحتميات؟
سبينوزا: ان الحرية مجرد شعار ترفعه العامة وتدافع عنه التصورات الميتافيزيقية، والحقيقة أن الانسان خاضع لحتميات.
العلوم الإنسانية : الإنسان خاضع لمجموعة من الحتميات السيكولوجية والسوسيوثقافية والبيولوجية.
سارتر : إن للشخص حرية مطلقة لأنه مشروع حر ومفتوح على الإمكانات اللانهائية.
مونيي: الشخص حرية مشروطة بالوضع الواقعي للإنسان، إلا أن هذا الوضع المشروط لا يعني الخضوع للضرورة.
مجزوءة الوضع البشري مفهوم الغير
تقديم: يتحدد المجال الإشكالي للغير باعتباره عالما إنسانياً يشبه الأنا و يختلف عنه إذ لا يتحقق الوجود الإنساني الفردي (الأنا) والجماعي (الهم) إلا بحضور مادي أو رمزي لذوات إنسانية تنشأ بينها علاقات مركبة ومتداخلة. يطرح التفكير في الغير تساؤلات أساسية تجعل منه بؤرة لمفارقات أنطولوجية ومعرفية وأخلاقية.فما الغير؟ ماذا يشكل وجوده بالنسبة لوجود الأنا؟ هل بالإمكان معرفته؟ على أي أساس تقوم هذه المعرفة؟ وما الرهانات التي تنشأ عن علاقة الأنا بالغير؟
المحور الاول: وجود الغير
دیکارت : وجود الغير وجود افتراضي واستدلالي متوقف على حكم العقل واستدلالاته.
هيجل : ضدا على فلسفة الذات الديكارتية، يرى هيجل ان وجود الغير ضروري، فهو الوسيط الذي من خلاله تحقق الانا وعيها بذاتها.
هايدغر: إن الوجود مع الغير، في الحياة اليومية المشتركة مع الناس، يفرغ الذات من إمكاناتها أو تفردها، فيفقد الشخص "هويته" إذ سيشبه جميع الناس وكأنه لا أحد.
سارتر: بين الأنا والغير صراع، فكل ذات تحاول أن تشيئ الأخرى لتشل إمكاناتها من خلال النظرة. لكن هذا الصراع هو صراع ضروري من أجل أن تحقق الأنا وعيا بذاتها بوصفها ذاتا حرة متعالية.
المحور الثاني: معرفة الغير
هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟
سارتر : معرفة الغير لاتنبني على ماهو عليه كذات. بل تنبني على كيفية تصور الأنا لهذا الغير كموضوع معطى للإدراك الحسي.
شیلر: معرفة الغير ممكنة إذا نظرنا إليه ككلية لا تقبل التجزيء بسلوكاته الجسدية حاملة لمقاصده.
بيرجي: إن تجربة الأنا الذاتية هي تجربة معزولة في العالم، وغير قابلة أن تدرك من طرف الغير. إن معرفة الغير للأنا أو معرفة الأنا للغير معرفة غير ممكنة، فبينهما جدار سميك لا يمكن تجاوزه.
مالبرانش: يتحدث مالبرانش عن صعوبة معرفة الغير لأن هناك صعوبات تحول دون ذلك.
هوسرل: أتعرف على الغير لا بوصفه موضوعا أو بوصفه ذاتا مستقلة عن الانا، بل بوصفه ذاتا تشبهني، وتختلف عني. إن الغير يوجد مع الأنا في العالم، وعن طريق التوحد به حدسيا يصبح هو أنا وأنا هو، إنه عالم البينذاتية الذي يؤسس العالم الموضوعي.
المحور الثالث: العلاقة مع الغير
كانط: تتأسس العلاقة بين الأنا والغير على مبادئ أخلاقية، وعقلية، وذاتية وكونية. فالصداقة، باعتبارها قيمة مثلى، تقوم على توازن بين عناصر الواجب الأخلاقي، إنها علاقة إنسانية نبيلة تجمع بين مشاعر الحب ومشاعر الاحترام المتبادل بين شخصين.
كونت: إن الغيرية، باعتبارها نكرانا للذات وتضحية من أجل الغير، هي الكفيلة بتثبيت مشاعر التعاطف والمحبة بين الناس، فتجد الإنسانية غاياتها الكبرى في نشر قيم العقل والعلم والتضامن والاستقرار في العالم.
أرسطو: ان العلاقة مع الغير تقوم على الصداقة، ويميز بين أنواع الصداقة صداقة المتعة والمنفعة والفضيلة.
جوليا كريستيفا : يجب الاعتراف بالغريب المخالف للجماعة والتجاوب معه واحترامه بدل نبذه وتدميره، لأن الغريب منصهر في الجماعة ذاتها.
ميرلوبونتي : يمكن للأنا أن تدرك الذات الأخرى إذا استعاضت عن النظرة الجافة والتشييء بعملية التواصل كظاهرة إنسانية بامتياز.
مجزوءة الوضع البشري مفهوم التاريخ (خاص بالشعب الأدبية والعلوم الانسانية)
مقدمة: يتحدد المجال الإشكالي لمفهوم التاريخ في كونه يشكل بعداً أساسيا من أبعاد الوجود البشري. فالإنسان لا يوجد بوصفه شخصاً فقط، ولا يوجد في علاقة تفاعلية مع غيره فقط، بل له وجود تاريخي متعين في الزمان والمكان، وجود تاريخي يصنعه الإنسان، غير أن هذا الوجود يصنع الإنسان بدوره. وتتولد عن هذه المفارقة في الوجود التاريخي للإنسان الأسئلة التالية:ما التاريخ؟، ما دلالة المعرفة التاريخية؟ هل يتقدم التاريخ نحو وجهة محددة سلفا؟، ما دور الإنسان في التاريخ؟، وما هي رهانات علاقة الإنسان بالتاريخ؟
المحور الاول: المعرفة التاريخية
هل المعرفة التاريخية ممكنة؟ والى اي حد يمكن تحقيق معرفة علمية وموضوعية بالتاريخ؟
ابن خلدون: ان التاريخ من اشرف العلوم ويمكن بناء معرفة علمية تسمو بالتاريخ شرط الالتزام بقواعد المنهج العلمي.
هنري مارو: ان التاريخ معرفة علمية مكونة عن الماضي الانساني، يقوم على قواعد المنهج التعليمي.
ریکور: ليست المعرفة التاريخية معرفة معطاة بقدر ما هي معرفة مبنية حسب منهج مفكر فيه من طرف المؤرخ، وإذا كان هذا المنهج يتشابه مع منهج العلوم الحقة، فإنه مع ذلك يبقى منهجا خاصا، نظرا لطبيعة الموضوع.
آرون: تختلف المعرفة التاريخية بالماضي عن المعرفة بالحاضر، الأولى صعبة وتتطلب جهدا منهجياً في بنائها، والثانية تلقائية.
المحور الثاني: التاريخ وفكرة التقدم
ماركس: يتقدم التاريخ بفعل التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وينتهي هذا التناقض بميلاد مجتمع جديد، وبالتالي تاريخ جديد.
میرلوبونتي: إذا كان التاريخ يتقدم وفق منطق محدد وخاضع للضرورة، فإن هذا لا ينفي دور العرضية الذي يبقى أساسيا في التاريخ.
إدوارد کار : يدافع كار عن مفهوم نسبي للتقدم التاريخي، فهو ليس مسارا تقدميا ولا حركة دائرية، بل إنه بمثابة خيوط متشابكة تسير في اتجاهات متعددة.
هربرت مارکوز : يدافع عن مفهوم التقدم التاريخي، ويميز بين نوعين تقدم كمي، وتقدم كيفي.
ليفي ستراوس : إن التاريخ ليس سلسلة منتظمة ومتصلة الحلقات، بـل إنـه يقـوم على القطيعة.
المحور الثالث: دور الانسان في التاريخ
هل الإنسان هو الذي يصنع التاريخ، أم أن التاريخ هو الذي يصنع التاريخ ؟
هيغل: ليس الإنسان سوى وسيلة في يد التاريخ، فمكر هذا الأخير يجعل الإنسان يعتقد أنه صانع للتاريخ، غير أنه لا ينفذ سوى إرادة التاريخ وفق مسار الروح المطلق.
سارتر: الإنسـان صانع للتاريخ متى تمكن من الوعي بـشروط هذه "الصناعة" التي أساسها الحرية والوعي بالممكنات التي يتيحها حقل الممكنات.
لوي ألتوسير : إن الإنسان هو مجرد وسيلة في يد الضرورة التاريخية. فالتاريخ هو الذي يصنع أبطاله.
لوسيان غولدمان : يعيد غولدمان الإعتبار للإنسان كفاعل تاريخي، ويعتبرها صانعا للتاريخ وموجها لأحداثه.
ملخصات دروس الفلسفة الثانية باك
تلخيص جميع دروس الفلسفة للسنة الثانية باكالوريا
0 تعليقات