الامتحان الوطني الفلسفة الدورة الاستدراكية 2008 الشعب العلمية والتقنية والاصيلة
مادة : الفلسفة
الشعبة: كل مسالك الشعب العلمية والتقنية والاصيلة
مدة الإنجاز: ساعتان
المعامل: 2
- اكتب في احد المواضيع الثلاثة الآتية
الموضوع الأول
هل الدولة غاية في ذاتها أم مجرد وسيلة ؟
الموضوع الثاني
الموضوع الثالث
" لم يعد العلماء يصرون على وجود مايسمي " الحقيقة المطلقة " ، وإنما يرضيهم أن نظرية معينة قد صمدت أمام محاولات التفنيد وظلت قادرة على تفسير كل ماهو مفروض أن تفسره ، ولقد ظل الاعتماد سائد لأكثر من قرن أن معادلات " نیوتن" هي الحقيقة المطلقة ،ثم جاءت نظريات "اينشتاين" في النسبية لتكشف لنا عن خطأ معادلات نيوتن في حالات معينة
وأقرب شيء إلي المنطق هو الاعتراف بان معظم النظريات العلمية قد توافرت فيها المقومات التي تجعلنا نعتبرها حقائق مؤكدة ، بينما اختلف نصيب نظريات أخرى من هذه المقومات ، مما يجعلها موضوع مفاضلة، فلو تساوى هذا القدر في نظريتين "متنافستين" فالنظرية الأكثر نجاحا في حل المشاكل (وبخاصة الصعبة ) هي التي نأخذ بصحتها إلي أن تظهر أخري أقوى منها".
حلل النص وناقشه
تصحيح الامتحان الوطني الموحد للباكالوريا الدورة الاستدراكية 2008
تصحيح الموضوع الثالث النص
يطرح النص إشكالية إبستيمولوجية تتعلق بمفهوم الحقيقة كمفهوم مركزي في علاقته بمفهوم النظرية، ويعالج انعكاسات تطور المعرفة العلمية على ثبات الحقيقة، فهل الحقيقة التي تتضمنها النظرية العلمية، نسبية أم مطلقة ؟
يجيب صاحب النص عن الإشكال السالف بأطروحة مفادها ألا وجود لحقائق مطلقة في العلم، معتمدا منهجا استدلالیا استنباطيا، بحيث أعلن صراحة عن أطروحته منذ البداية، وذلك بأن دحض الاعتقاد الكلاسيكي والدوغمائي الذي كان لدى بعض العلماء في وجود حقيقة علمية مطلقة ونهائية، فالنظريات العلمية أصبحت تتسم بطابع النسبية ؛
وبناءا على ذلك اقتنع العلماء المعاصرون بقابلية النظريات العلمية للتفنيذ والخطأ؛ كما أقروا كذلك بالتفاضل المسجل بين النظريات العلمية من حيث إظهار تفوقها وقدرتها على حل المشاكل الصعبة، وقصد توضيح فكرته يوظف النص مثالا مستمدا من مجال الفيزياء فقد ظل الاعتقاد سائدا لأكثر من قرن أن معادلات نيوتن هي الحقيقة المطلقة، ثم جاءت نظريات «إنشتاين» النسبية لتكشف لنا عن خطأ معادلات نيـوتن في حالات معينة، وبالتالي تم تجاوز الاعتقاد في وجود حقيقة علمية مطلقة ونهائية وذلك ما أكدته النظرية النسبية، ومن هناك أصبحنا نتحدث عن قابلية النظريات العلمية للتفنيد والخطأ كما ذهب إلى ذلك كارل بـوبـر.
وفي لحظة ثانية يذهب النص إلى الإقرار بأن الشيء الأقرب إلى المنطق هو الاعتراف بأن معظم النظريات العلمية قد توافرت فيها المقومات التي تجعلنا فيها المقومات التي تجعلنا نعتبرها حقائق مؤكدة. في حين اختلف نصيب نظريات أخرى من هذه المقومات، مما يجعلنا نتحدث عن مفاضلة بين هاته الحقائق، فلو تساوى هذا القدر في نظرتين متنافستين، فالنظرية الأكثر نجاحا في حل المشاكل وخاصة الصعبة هي التي نأخذ بصحتها إلى أن تظهر أخرى أقوى منها، وبالتالي لم نعد نؤكد على أن صحة النظرية هي في تماسكها المنطقي والداخلي كما يذهب إلى ذلك أصحاب الاتجاه العقلي، أو أن صحة النظرية هي قابليتها للاختبار والتجريب والتحقق من مدى علميتها كما يذهب إلى ذلك التجريبيون، بل أصبحنا نعترف بالتفاضل بين النظريات العلمية من حيث إظهار تفوقها وقدرتها على حل المشاكل الصعبة. ومن هنا أصبح الفلاسفة يحملون شعار الأصح هوالأصلح أمام هذا التعدد للحقائق.
إن الموقف المعبر عنه في النص يجعلنا ننفتح على مجموعة مواقف، فإذا كان الفلاسفة العقلانيون يعتبرون البداهة والوضوح هي معيار الحقيقة فان الفلاسفة التجريبيين وعلى رأسهم جون لوك يرون بان العقل صفحة بيضاء لا يوجد فيه إلا ما تخطه التجربة. بل إن دفيد هيوم يشبه العقل بالة فوتوغرافية تقوم بتصوير وتسجيل المعطيات الحسية. ومن هنا فالحقيقة إذن هي مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي.
لكن كيف يكون العقل معيارا للحقيقة في غياب الواقع الحسي ؟ وكيف يكون الواقع التجريبي معيارا للحقيقة في غياب العقل ؟
يجيب كانط بان المعرفة بالحقيقة اليقينية لا تكون بالحس وحده. لان التأثرات دون أن تتشكل في مقولات العقل تظل مادة عمياء ولان مقولات العقل كالزمان والمكان مثلا دون أن تملاها التأثرات الحسية تبقى أطرا فارغة لا عمل لها. ومن هنا قوله «المقولات العقلية بدون حدوس حسية جوفاء والحدوس الحسية بدون مقولات عقلية عمياء... » ویری کانط بان العقل يتوصل إلى حقائق يقينية عندما ينصب اهتمامه على ظاهر الشيء (الفينومين) ولكنه يقع في تناقضات عندما يهتم بالشيء في ذاته (النومين). وهكذا تكون معرفتنا نسبية محدودة بحدود وسائل معرفتنا....لاتتعدى الفينومين الذي هو مجال المعرفة العلمية وكلما حاولنا أن نتعرف على ماهيات الأشياء ونومينها كلما تناقض العقل مع ذاته وهذا ما يلاحظ وقوعه في الميتافيزيقا.
وباختلاف هذه التصورات وتعددها تختلف معايير علمية النظرية العلمية. فإذا كانت العقلانية الكلاسيكية في شخص ديكارت تعتبر البداهة والصرامة المنطقية التي تجمع النتائج بمقدمات البناء العقلي هي معيار أو مقياس صدقية أوعملية النظرية العلمية.
وإذا كانت النزعات التجريبية تقيس علمية النظريات العلمية بمدى قابليتها للصمود أمام محك التجربة كما سبق الذكر، بحيث يفترض في تلك النظريات التحقق التجريبي، فتتبين موضوعيتها بعيدا عن الآراء الذاتية. فإن الواقع الجديد لتطور المعرفة العلمية وما أقره من تعدد وغنى بفعل انفتاح مختلف العلوم على عوالم مستجدة اقتضى تصورا لمعيار النظرية کتصور کارل بوبر الذي يؤكد على أن علمية النظرية العلمية هو التحقق من قابليتها للتكذيب والتفنيد. فالأهم ليس هو البرهنة على صحة النظرية العلمية وبالتالي ما تحتويه من حقائق بل البرهنة على خطئها، ولعل ما حصل في الرياضيات في شقها الهندسي لخير دليل، بحيث أن علمية هندسة أقليدس لا تعود إلى يقين بديهياتها ومسلماتها وحدودها بل قابليتها، أو على الأقل قابليتها لأن تكشف عن محدوديتها أو نسبتيها وبالتالي عدم إطلاقيتها على جميع المجالات وهو ما سيحصل مع ظهور الهندسات اللاأقليدية، بحيث تبین نسبية الأولى باعتبارها تصلح للسطح المنبسط، في حين أن الثانية تصلح في وسط مقعر.
كتخريج عام نستشف أن المسار الذي يسلكه العلم يؤدي بالضرورة إلى هدم كل حقيقة تدعي النهائية والإطلاقية، ذلك أن العلم في تقدمه يعيد بناء الواقع، ولم يعد للقانون نفس الدقة والإطلاقية بل أصبح يحمل طابعا احتماليا. هكذا سارت الحقيقة مشروعا تسعى اليه البشرية.
إرسال تعليق